هل يمكن الاقتباس بالمعني وهل القراءة بالمعني
تحريف!
مقدمة بسيطة للمقال
خرج
علينا بعض من لم يقرأوا في علوم الدين والدنيا حرفا ليقولوا بأن القراءات في
المخطوطات بالمعني تعد تحريفا واقتباس الاباء بالمعني ضد قانونية العهد الجديد،
وقد قمنا ببحث بسيط يستعرض 3 نقاط:
1-
هل
القراءة بالمعني الموجودة في الكتب المختلفة تعد تحريفا سواء كان شفاهه او كتابة؟
2-
هل
اقتباس اللاحقين بالمعني من النصوص المقدسة يعد تحريفا؟
3-
هل
ما وصلنا هو فهم الصحابة للنص ام اقوال مؤلف النص؟
عن
أبي بن كعب ، عن النبي قال:
· "يا
أبي بن كعب، إني أقرئت القرآن فقيل لي: على حرف أو على حرفين؟ قال: فقال الملك
الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقال: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي
معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، حتى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: (غفوراً رحيماً) أو قلت: (سميعاً عليماً) أو قلت:
(عليماً سميعاً) فالله كذلك، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة
بعذاب" أخرجه أحمد 5/124، وأبو داود (1477) وصححه الألباني في صحيح الجامع 2/
1294 ، وفي تحقيق المسند 35/85 : إسناده صحيح على شرط الشيخين .
الصحابة:
· قال ابن حجر في الفتح 8/ 644:" ثبت
عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن
مسموعا له "
قال
أبو بكر الأنباري حدثني أبي قال حدثنا نصر قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا نعيم بن
حماد عن عبد العزيز بن محمد عن بن عجلان عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال علم عبد الله بن مسعود رجلا إن شجرة الزقوم
طعام الأثيم فقال الرجل طعام اليتيم فأعاد عليه عبد الله الصواب وأعاد الرجل الخطأ
فلما رأى عبد الله أن لسان الرجل لا يستقيم على الصواب قال له أما تحسن أن تقول
طعام الفاجر قال بلى قال فافعل
· وأخرج ابن جرير، والحاكم. من طريق الأعمش، عن إبراهيم – هو
النخعي –، عن همام بن الحارث، أن أبا الدرداء كان يقرئ رجلاً: {إِنَّ شَجَرَةَ
الزَّقُّومِ، طَعَامُ الْأَثِيمِ}، فقال: " طعام اليتيم "، فقال أبوالدرداء: " قل إن شجرة الزقوم، طعام الفاجر ".
قال
الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. وهو كما قالا
من
جوز ترجمته طالما لن يخل بالمعني
· كتبوا إلى سلمان
الفارسي - رضي الله عنه - أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب: بسم الله
الرحمن الرحيم/بنام يزدان بخشاونده.... وبعدما كتب عرضه على النبي - ﷺ
-، ثم بعثه إليهم، ولم ينكر عليه النبي - ﷺ
-، كأنهم طلبوا ترجمة سورة الفاتحة لقوله عليه السلام: "لا صلاة إلا بفاتحة
الكتاب"النهاية
حاشية الهداية" لتاج الشريعة (١/٨٦، حاشية ١)
· “وبهذا يستدل على
أنّ إبدال كلمة مكان كلمة جائز إذا كانت مؤدية معناها، ومنه أجاز أبو حنيفة
القراءة بالفارسية، على شريطة وهي: أن يؤدي القارئ المعاني على كمالها من غير أن
يخرم منها شيئًا، قالوا: وهذه الشريطة تشهد أنها إجازة كلا إجازة؛ لأنّ في كلام
العرب خصوصًا في القرآن الذي هو معجز بفصاحته وغرابة نظمه وأساليبه من لطائف
المعاني والأغراض ما لا يستقل بأدائه لسان من فارسية وغيرها”(تفسير الزمخشري (4/
281)).
ومن
التابعين:
· نقل الذهبي في السير 5/ 347 عن أبي أويس
قال:" سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال: إن هذا يجوز في
القرآن فكيف به في الحديث، إذا أصيب معنى الحديث ولم يحل
به حراما ولم يحرم به حلالا فلا بأس، وذلك إذا أصيب معناه.
ومن
تابعي التابعين:
· أخبرنا أبو نعيم الحافظ : أنا إبراهيم بن
عبد الله الأصبهاني : ثنا محمد بن إسحاق السراج قال : سمعتُ عبيد الله بن سعيد
يقولُ : سمعتُ يحيى بنَ سعيدٍ يقول : أخافُ أن يَضيقَ على
الناسِ تتبُّعُ الألفاظِ ؛ لأنّ القرآنَ أعظمُ حُرْمةً = ووُسِّعَ أن يُقرأ
على وجوهٍ إذا كان المعنى واحِداً " . ( الكفاية في
معرفة أصول علم الرواية ) للخطيب البغدادي ، 2 / 24 - 25 ، تحقيق إبراهيم الدمياطي
، دار الهدى ، ط1 ، 1423 / 2003م . وانظر (الحلية) لأبي نعيم ، 8 / 380 ط السعادة
. قال الشيخ عبد الله الجديع : " إسناده جيِّدٌ " ؛ انظر ( تحرير علوم
الحديث ) له
وقال
الإمام الشافعي في كتابه ( الرسالة )
:
· " فإذ
كان اللهُ لِرَأْفتِه بخلْقِه أنزلَ كتابَه على سبْعةِ أحْرفٍ؛ معرفةً مِنْه بأنَّ
الحفْظَ قدْ يَزِلُّ، لِيَُحِلَّ لهم قراءتَه وإنْ اختلفَ اللفظُ فيه، ما لم يكن
في اختلافِهم إحالةُ معنىً = كان ما سِوَى كتابِ الله
أوْلَى أنْ يجوزَ فيه اختلافُ اللفظِ ما لم يُحِلْ معْناه. وكلُّ ما لم يكن
فيه حُكْمٌ فاختلافُ اللفظِ فيه لا يحيلُ معناه. وقد قال بعضُ التابعين: ( لَقِيتُ
أُناساً مِن أصحابِ رسولِ اللهِ، فاجتمعوا في المعنى واختلفوا عليَّ في اللفظِ.
فقلْتُ لبعضِهم ذلك، فقالَ: لا بأسَ ما لمْ يُحِيلُِ المعنى ) " .( الرسالة ) للشافعي / 274 - 275 ، ط شاكر)
وقال في كتاب ( الأم )
:
· " وقد
اختلف بعضُ أصحابِ النبي في بعضِ لفظِ
القرآنِ عند رسولِ الله ولم يختلفوا في
معناه ، فأقرَّهم وقال : ( هكذا أنزل ، إن هذا القرآنَ أنزِل على سبعة أحرف ،
فاقرؤوا ما تيسر منه ) ؛ فما سوى القرآنِ من الذكرِ أوْلى
أن يتسع هذا فيه إذا لم يختلف المعنى . وليس لأحد أن يعمد أن يكف عن قراءة
حرف من القرآن إلا بنسيانٍ ، وهذا في التّشَهُّدِ وفي جميعِ الذِكْرِ أخَفُّ " .لا[ ( الأم ) للشافعي ،
10 / 45 - 46 ، تحقيق رفعت فوزي ، ط1 دار الوفاء ]
الدكتور
مصطفى مندور في بحث له بعنوان (الشواذ)
وكان رسالة علمية مقدمة لكلية الآداب بباريس:
· "هنالك على الأخص نقطة وقع عليها
اتفاق كثيرين هي أن القرآن ربما قرئ بأوجه كثيرة، ولكن
الأساس هو أن يحترم المعنى .. "
واصل
بن عطاء رأس المعتزلة في السير 5/465:
· " قيل : كان يجيز التلاوة بالمعنى "
قالوا
لسفيان"حدثنا كيف سمعتَ، فقال :
· لا والله ما إليه سبيل، ما هو إلا المعنى " راجع الكفاية ص 315
قال
أبورية (ص8):
· "ولما رأى بعض الصحابة أن يرووا
للناس من أحاديث النبي، ووجدوا أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بالحديث عن أصل لفظه استباحوا لأنفسهم أن يرووا على المعنى"
كذلك
يقول ابو سعيد الخدري
· " كنا نجلس إلى النبي صلى الله عليه
وسلم، عسى أن نكون عشرة نفر، نسمع الحديث، فما منا اثنان يؤديانه، غير أن المعنى واحد" (الكفاية ٣٠٩ ـ ٣١٠.)
وروى
الخطيب عن علي بن خشرم يقول :
·
كان
ابن عيينة يحدثنا ، فإذا سئل عنه بعد ذلك حدثنا بغير لفظه
الأول ، والمعنى واحد (الكفاية
٣١٦.)
قال الدارمي في سننه "باب من رخص في
الحديث إذا أصاب المعنى" ثم روى عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال "إذا حدثناكم بالحديث على معناه فحسبكم" وروى أيضا عن الحسن أنه كان إذا
حدث قدم وأخر. وروى أيضا عن جرير بن حازم قال كان الحسن يحدث بالحديث الأصل واحد
والكلام مختلف, وروى أيضا عن ابن عون قال كان الشعبي والنخعي والحسن يحدثون بالحديث مرة هكذا ومرة هكذا فذكرت ذلك لمحمد بن سيرين فقال أما
إنهم لو حدثوا به كما سمعوا كان خيراً لهم.
وقال الخطيب البغدادي في كتابه "الكفاية
في علم الرواية" – (باب ذكر من كان يذهب إلى إجازة الرواية على المعنى من
السلف).
ثم روى ذلك عن:
1-
واثلة بن الأسقع
2-
وأبي سعيد
3-
وعائشة
4-
وابن مسعود
5-
وأبي الدرداء
6-
وأنس بن مالك
7-
وعمرو بن دينار
8-
والحسن والشعبي
9-
وإبراهيم النخعي
10-
وابن أبي نجيح
11-
وعمرو بن مرة
12-
وجعفر بن محمد
13-
وسفيان الثوري
14-
ومالك وابن عيينة
15-
وحماد بن زيد
16-
ويحيى بن سعيد
17-
ومحمد بن مصعب القرقساني.
وروى أيضاً عن أيوب عن محمد بن سيرين قال:
·
كنت أسمع الحديث عن عشرة المعنى واحد واللفظ مختلف.
وروى أيضاً عن أزهر بن جميل
·
قال كنا عند يحيى بن سعيد ومعنا رجل يتشكك فقال
له يحيى يا هذا إلى كم هذا, ليس في يد الناس أشرف ولا أجل من كتاب الله تعالى وقد رخص فيه على سبعة أحرف.
ونقل السخاوي في فتح المغيث عن ابن الصلاح
·
أنه قال في الرواية بالمعنى أنه الذي شهدت به أحوال الصحابة والسلف الأولين فكثيراً ما كانوا ينقلون معنى واحداً في أمرٍ واحد بألفاظ مختلفة وما ذاك إلا لأن معولهم
كان على المعنى دون اللفظ انتهى.
·
جاء جواز الرِّواية عن كثير من السَّلَف؛ من
التابعين والمحدِّثين، قال الترمذي: "فأما مَن أقام الإسناد
وحفظه، وغيَّر اللفظ، فإنَّ هذا واسِع
عند أهل العلم إذا لم يتغيَّر به المعنى" (ابن رجب، زين الدين أبو الفرج عبدالرحمن بن أحمد البغدادي الحنبلي،
(ت: 795 هـ)، شرح علل الترمذي، دار السلام، ط: 2، 2014 م، ت: نور الدين عتر، (ج 1،
ص 145).)،
·
وساق عدَّةَ آثار في ذلك؛ وعن وكيع: "إن لم يكن المعنى واسعًا، فقد هلَك الناس( السابق، ص 145، وما
بعدها.)
·
قال ابن رجب معلِّقًا وشارحًا كلامَ الترمذي:
"ومقصود التِّرمذي رحمه الله بهذا الفَصل الذي ذكَره هنا أنَّ مَن أقام الأسانيد
وحفظها، وغيَّر المتونَ تغييرًا لا يغيِّر المعنى - أنه حافِظ ثِقة يعتبر بحديثه،
وبنى ذلك على أنَّ رواية الحديث بالمعنى
جائزة...، وكلامه يشعر بأنه إجماع؛ وليس كذلك، بل هو قول كثيرٍ من العلماء، ونصَّ عليه أحمد، وقال: (ما زال الحفَّاظ يحدِّثون بالمعنى)" (السابق، ص (147).
ال الحافظ العراقي في ألفيَّته (السخاوي، شمس الدين أبو الخير محمد بن عبدالرحمن بن محمد بن أبي
بكر (المتوفى: 902هـ): فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي، الناشر: مكتبة السنة
- مصر، الطبعة: الأولى، 1424هـ / 2003م، ت: علي حسين علي، (ج 3، ص 137).)
·
وليروِ بالألفاظ مَن لا يعلمُ
مدلولَها وغيرُه فالمُعظمُ
أجاز بالمعنى وقيل: لا الخبر
والشَّيخُ في التَّصنيف قطعًا قد حظَر
وليقُل الرَّاوي بمعنًى أو كما
قال ونحوه كشكٍّ أُبهما
امثلة
في الرواية المعني بين الصحيحيين
مثال بسيط:
حديث مسلم |
حديث البخاري |
وقال مسلم [4، ج 1، ص 539، ح 211- 779]: حدثنا عبد الله
بن براد الأشعري ومحمد بن العلاء قالا: حدثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة،
عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((
مثل البيت الذي يُذكر اللهُ فيه، والبيت الذي لايُذكر الله فيه،
مثل الحي والميت )). |
قال البخاري [3، ج 11، ص 212، ح 6407]: حدثنا محمد بن
العلاء، حدثنا أبو أسامة، عن بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي
الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( مثل
الذي يذكر ربه والذي لايذكر ربه مثل الحي والميت )). |
تفسير الاختلاف:
·
قال ابن حجر [6، ج 11، ص 214]: (( فتوارُدُ
هؤلاء على هذا اللفظ يدل على أنه هو الذي حدَّث به بريد بن عبد الله شيخُ أبي
أسامة، وانفرادُ البخاري باللفظ المذكور دون بقية أصحاب أبي كريب وأصحاب أبي أسامة
يشعر بأنه رواه من حفظه أو تجوز في
روايته بالمعنى الذي وقع له، وهو أن الذي يوصف بالحياة والموت حقيقة هو الساكن لا
السكن... ))
المثال الثاني: لها اثر فقهي
الرواية الاولي |
الرواية الثانية |
جاء عند البخاري ومسلم عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلاَ الكَافِرُ المُسْلِمَ |
وهو مروي عن الزهري من طريق ابن عيينة، وقد جاء من طريق
هشيم عن الزهري، كما عند النسائي عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
حُسَيْنٍ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، كَذَا قَالَ: عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى |
تفسير الاختلاف لا يشفي الغليل:
يقول الطحاوي: عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ الْكَافِرَ , ذَا
الْمِلَّةِ , فَلَمَّا رَأَيْنَا الرِّدَّةَ لَيْسَتْ بِمِلَّةٍ , وَرَأَيْنَاهُمْ
مُجْمِعِينَ أَنَّ الْمُرْتَدِّينَ لَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , لِأَنَّ
الرِّدَّةَ لَيْسَتْ بِمِلَّةٍ , ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَ مِيرَاثِهِمْ , حُكْمُ
مِيرَاثِ الْمُسْلِمِينَ" الطحاوي ، شرح معاني الأثار ، ( ج 3 ، ص 266 ) حديث ( 5297 )
تعليقات
إرسال تعليق